من المدارس إلى الشوارع، ومن الأسواق إلى المصانع، لقد صار العنف نمطاً للحياة المعاصرة. يستخدم الصبيان والفتيان والشباب وسائل العنف والتشدد للتعبير عن آرائهم وأنماطهم وأساليبهم في الحياة.
مما لا شك فيه أن الحياة الاجتماعية والسياسات الحكومية في كثير من البلدان والأفلام والألعاب لها تأثير في قلوب الناس.
جاء في موقع إخبار عالمي شهير (CNN.com):
A California man and his 10-year-old son were arrested after the boy shot and killed another child using a stolen gun he’d found in his dad’s car, the Sacramento County Sheriff’s Office said.
قال مكتب عمدة مقاطعة ساكرامنتو، إنه تم القبض على رجل من كاليفورنيا وابنه البالغ من العمر 10 سنوات بعد أن أطلق الصبي النار وقتل طفلاً آخر باستخدام مسدس مسروق وجده في سيارة والده.
نرى أن هذا العصر المتصف بالعنف في حاجة ماسة إلي فلسلفة اللاعنف أكثر من ذي قبل. هذه الفكرة التي طرحها واستخدمها ونجح في استخدامها وتطبيقها السيد موهن كرمتشاند غاندي قبل قرن تقريبًا، تحتاج إلي إعادة تطبيقها في هذا العصر.
يتكون المجتمع من الأطفال والشباب والشيوخ، والذين يحملون طبائع وخلفيات متعددة ومتغايرة. إذا استخدم طفل مسدسا في المدرسة، ماذا يتوقع منه في المستقبل. وإذا تطورت ثقافة العنف واستخدام الأسلحة في مجتمع ما، من المستحيل تحوله إلى مجتمع سلمي واللاعنفي. وعندما يتقدم الوقت، ويجلس هؤلاء الناس على كراسي اتخاذ القرار، يحدث ما يحدث الآن!
نري بأن العنف والظلم والتعسف بكل أنواعها وأقسامها تقع في كل أنحاء العالم. أخذ العنف أسماء وشعارات مختلفة وأيضا مبررات مختلفة. تتم ممارسة العنف بإسم الحرية والإرهاب في حين وبإسم مكافحة الإرهاب و الدفاع عن الحرية في حين آخر.
يعرف الكل بأن هذه الحروب والمكافحات المسلحة لا فائدة منها بأي نوع كان. المقتول هو الذي لا خطأ له في أكثر الأحيان. من يستفيد من هذه الحروب؟ ماذا تحصد الإنسانية منها؟ من يخسر ومن يكسب منها؟ الخاسر هو الرجل العادي في كل الوقت.
يحتاج هذا العصر إلي احتضان هذه الفلسفة وإحياءها وتطبيقها من جديد، هذه الفلسفة التي تعلم المقاومة بطرق سلمية، والتي سلاحها ضد الظلم الثبات والاستقامة والمقاومة بغير عنف أو استخدام سلاح، والتي تعترف بأن الظالم هو رجل عادي له قلب يشفق ويرحم, له عين تدمع عند رؤية الظلم، يحس ويفكر ويعرف بأن الظلم ظلم يجب إزالته.
ضروري لنا أن نعرف بأن فلسلفة اللاعنف لا تعلمنا عدم القيام أمام الظلم أو السكوت في مواجهة العنف، بل يعلمنا المقاومة بطرق سلمية، وبأسلوب فيه الصبر والاستقامة والشجاعة، لكن لن يكون فيه العنف ورد الظلم بالظلم.
تعالوا نفهم بأن روح فلسفة اللاعنف هي فهم الظالم بأنه إنسان مثلنا، وهو يرتكب الظلم لأسباب غير فطرية، ومسؤوليتنا هي إرغام الظالم علي الفهم والاعتراف بأنه يرتكب شيئا خاطئا، لازم عليه إيقافه لأسباب إنسانية وفطرية، وتتم عملية إرغام الظالم هذا بطرق آمنة، مثل المظاهرة الآمنة، والمسيرات ليس فيها العنف، والصيام التظاهري، والعصيان المدني وغيرها.
تعالوا نحتضن هذه الفكرة الرائعة والفلسلفة العملية من جديد في كل أنحاء حياتنا، لنجعل السلام ينتشر من الشرق إلي الغرب ومن الشمال إلي الجنوب. تعالو نجبر الظالم بطرق سليمة علي الاعتراف بأن الظلم ظلم، والصبي المتكبد بسبب العنف الشامل لا خطأ له، والذي يفقد أبويه بغير سبب وهو لا يعرف ماهي الحرب وماهي مقاومة الظلم.
هذه هي رسالة غاندي – فالنعترف أهمية رسالته ونحاول تطبيقها في عصرنا هذا.